عزف الرصاص.. بقلم 🖋️ الكاتب ✨✨ الحسين صبري
عزف الرصاص
قرأتُ عِبارة مكتوبة على باب مَسْرح كبير في احدى العواصم الأوروبية
كان يوم إربعائي ربيعي بإمتياز وكانت هناك حفلةً ما، إقتطعت تذكرة ودخلت، أعطيت التذكرة لأحدهم كان أنيق جدًا يرتدي بدلة سوداء بِربطة عُنق على هيئة وردة حمراء وكأنما عرسه أو حفل زفافه اليوم، تتبعته إلى حين أشار بِيده بِكل أدب مع إبتسامة عريضة تعلو محياه إلى الكرسيّ الذي سأجلس عليه أو المُخصص لي
مكان فسيح يعج بِالروائح والعطور وكأنك غافٍ وسط حلمٍ جميلٍ وكأنما الحُلْم من وسط الجنة، شعور يُشبه أُمْنية وإن خرج لك مارد المِصْباح وقال شبيك لبيك أطلب وتمنى فلن تستطيع وصف هذا الشيء لأنك ستطلب من جديد هكذا أُمنية ولربما ستتمتم بِتمتمات ولن يستطيع المارد تحقيقها وسيعود إلى القمقم مسرعًا وهو يُردد وصفك الذي لم تستطع الكلمات وصفه
بدأت الموسيقى وبدأت دموع الحسناوات وحتى الرجال تترقرق في المآق بل تسيل وتتدحرج على وجنات الفتيات المتوردة حتى تعبث بِكل المساحيق فتترك الدموع مجرى ذو لونٍ أسود
تلك المقطوعة التى تُعزف تأخذك إلى أبعد مما تظن، ومع كل ما حولي أحسستُ بِنفسي وكأني في منبع الإنسانية وكأنما المكان قلبٌ كبير ينبض بِحب الخير والرحمة والرأفة، حتى أنه أعدت في ذهني تلك العبارة المكتوبة على مذخل البِناية أو الباب (حينما تُعزف الموسيقى يصمت كل شيء، الأحاسيس وحدها هي من يتحدث)
الصورة تختلف، بالأحرى ثقافة الصورة تختلف في مسرح اخر أكبر حجمًا وأكثر عزفًا
مسرح كبير وجمهور غفير، الجمهور من كل الأعمار والفئات والموسيقى أزيز الرصاص وقعقعة السلاح ودوِيُّ القنابل، والمكان يتحول نتيجة عزف الرصاص والطائرات الزنانة إلى جـهـنـم، لا أحد يبكي هُنا لكنهم يصمتون صمت من نوع اخر يشبه صمت حُكامنا العرب لا صمت مخنوق ولا محروق وهنا لن تجد مكانًا للإنسانية
في ذاك المسرح فـن، وفي هذا المسرح مسرح غـزّة فَـنٌّ أيضًا ولكنه فن أو التفنن في القتل والخراب والدمار والرُكام ولربما لن تُشاهد دموعًا إلا دموع أهل غـزّة من الأطفال والكهول والثكالى وإن صادفت وشاهدت دموعًا فهى دموع مزورة أشبه تمامًا بِدموع التماسيح
هل قلت لك أن الحياة لم تكن عادلة يومًا وأن البشر لم تعد ذاك الإنسان المولود بِالفطرة وعلى الجبلة المستقيمة
وهنا أسأل سؤال هل الفطرة هي الغريزة والإجابة طبعًا لا، ولربما الفطرة مجموعة من المعايير وقد تكون القيم أي قيم إخلاقية وجمالية، فهل تلك المعايير أو الفطرة فعلاً الإنسان مجبول عليها
لربما كان عليّ أن أذهب بعيدًا وأكتب عنوان لهذا المقال وهو بؤس نظرية الفطرة
وهنا يخرج سؤال اخر هل هناك فطرة سليمة وأخرى غير سليمة
تقول سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة (نخاف أنه لم يعد للفلسطينيين مكان آمن يذهبون إليه)
هل تعتقد بأنها خائفة فعلاً أو أن أمريكا نفسها تبالي
أولئك الجالسون على مقاعد من القماش الناعم المزركش والمستمعون لتلك الموسيقى أنما دموعهم هي أيضًا دموع زائفة أو لربما أن الإنسانية تحضر وتغيب، تحضر في أوقات وتغيب وتندثر في أوقات أخرى، أم أنه الوهم والزيف والكذب
قرأت أيضًا أن للكذب ثلاثة ألوان أبيض وأسود ورمادي، لكنه كلام غير صحيح للكذب لون واحد وهو الأسود والذي يهدف إلى إيذاء الآخرين........
🖊الحسين صبري🇱🇾
تعليقات
إرسال تعليق