" نيران امرأة سمراء " بقلم 🖋️ الكاتب ✨✨ وليد.ع.العايش ٢١ / ٨ / ٢٠٢٤ م

" نيران امرأة سمراء " 


كانت الأمواج هادئة للغاية ؛ الزبد يتطاير على أقدامنا دون أن يثنيا عن المضي أكثر بين صخور الشط حيناً وفي قلب الماء الأزرق الدافئ حيناً ؛ تارة تتشابك أيدينا ؛ لا لشيء فقط كي نعبر متاهة صخور حطمت الأمواج أجزاء كثيرة منها ؛ لعل البعض ممن كانوا هناك ينظرون إلينا ويتحادثون عنا ؛ لكن بكل تأكيد لم تكن أصواتهم وأحاديثهم لتصل إلينا ؛ وحتى وإن وصلت فلا قيمة لها كونها ك الزبد تطفو على السطح ثم تتلاشى . 

إلى أين نريد أن نصل ؛ لست أدري ؛ ولعلك أيضاً لا تدرين ؛ كل مافي الأمر أننا سويا في مقدمة هذا البحر الذي يبدأ ولا ينتهي ؛ طغت ضحكاتنا على صرير الموج ؛ وعلى صوت القطار الذي عبر بجوارنا ؛ وعلى زائير سفينة أطلقت صفيرها معلنة الوصول للتو . 

لعلك لم تكوني تعلمين بأني كنت أتأملك خلسة ؛ فكان كل شيء فيك مثير جدا في تلك الأمسية ؛ لون وجهك الذي عانقته الشمس وهي تسقط خلف مياه البحر ؛ شفاهك التي تخلت عن كل أنواع الزينة فظهرت على حقيقتها التي كانت أجمل من زينة حسناوات العالم مجتمعات ؛ تلك السمرة التي تشبه وجه فنجان قهوة تبدأ من جبينك لتنتهي إلى أخمص ساقيك ؛ وحده صدرك كان متمردا ؛ ثائرا ؛ لكنه لم يكن أحمقا بكل تأكيد ؛ يا إلهي هل هذه أنت !!! سألت نفسي مراراً ؛ لكن عندما ألمس يدك التي بدأت تبرد مع هطول المساء تجعلني أكثر ثقة بأنك أنت ؛ وأنت فقط . 

جلسنا على حافة صخرة متهالكة متآكلة ؛ التصقنا رويداً رويداً ؛ حينها شعرت بكم من الدفء الذي لم يأتيني طيلة السنين التي عبرت حياتي ؛ كم كنت طفلة صغيرة وأنت تخلعين حذاءك الأبيض ؛ وتتركين قدميك تلهوان بالماء الفاتر ؛ بل أن الكثير من قطراته بدأت تداعب وجهي ؛ دون أن ينفع أي رجاء كي تتوقفي ؛ فاستسلمت ؛ دعها تستمع بلحظات لعلها لن تأتي مرة أخرى . 

الشمس تنهي هبوطها المسائي المعتاد ؛ النوارس تبدأ بالصراخ على بعضها البعض ؛ الأمواج تلملم أشيائها ؛ الزوار أصبحوا قلة ؛ أنوار خافتة بدأت بالظهور عن بعد ؛ أما السفن هناك فقد أشعلت كل مالديها من أضواء ؛ ومعها اشتعل شيء ما بداخلي . 

في طريق العودة كان حذاءك بين يديك ؛ وكنت أكثر التصاقا بي ؛ أو لعلي أنا من كان يتمنى ذلك ؛ خشية انزلاق مفاجئ أو لسبب آخر . 

بعد أن أصبحنا على قارعة الشاطىء كتبت لك : ( اليوم فقط عرفت معنى أن يعشق الإنسان امرأة سمراء ) ؛ وبعدها اشتعل كل شيء . 


أتذكرين ...


وليد.ع.العايش 

٢١ / ٨ / ٢٠٢٤ م



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من أجمل المشاهد بقلم 🖋️ الكاتبة✨✨Lama Jallad

فَصَبرٌ جميل.. بقلم🖋️ الكاتب ✨✨ زكريّا الحمّود

رسالة عاشقه:.. بقلم 🖋️ الشاعر ✨ كمال زهوة