عفواً ...بقلم 🖋️ الكاتب & & بشير قطنش

عفواً ...

أيها الراكب ترجل، تأمل في حياتك تلاحظ إنها مُرضية، وأنت الذي تلهث وراء حلم ليتحقق وما أن تقبضه حقيقة راسخة حتى ينصرف ذهنك إلى آخر كان بعيدا، حالما بأن تصله لتتولى غيره، هكذا أنت تسير من حلم إلى حلم على مسطرة السنين، تكتب سطور قصتك بيديك، وهذا لا بأس به فهو طبيعي جدا لأن الأحلام وقود الحياة، محركها الرئيس الذي يدير عجلة الأيام، بدء من أن تنجح متعاقبا في دراستك  حتى تنتقل إلى مرحلة أخرى، يداهمك فيها حلم يكون أول أولوياتك بأن تتحصل على وظيفه تناسب عمرك وتخصصك، ثم الآخر الذي يلوح بالأفق ببناء بيت والاقتران بزوجة، من ثم تشيخ أحلامك فيكون لك بستان تركن إليه وأداء فرضية مؤجلة بالذهاب للحج، عندما تصل إلى ما سبق من أهداف كنت تراها بعيدة، يُخيل إليك أن اللعبه قد انتهت، وأن الحَكم على ملعب الحياة قد أعلن فوزك، متذوقا طعم لذة الانتصار لوصولك المحطة الاخيرة، ولكن وما بعد لكن، هو أن كل شيء ينقلب أمام عينيك، فقد سكن الغبار بصحائف نجاحك التي كانت مصدرا للمباهة والسعادة، سئمت تلك الوظيفه التي كنت تتطلع لها حين صارت سجنا تسكن جدرانه بنيته أنت مُختارا بيديك، مذبذب بين مدير متعنت وزملاء حاقدون يضعون الدسائس بين الأوراق لا تستطيع الفكاك منه، بل حتى السياره التي حلمت أن تركبها تُضحك غرورك أيام ثم تبكيك وراء طلب إصلاحها أعوام أو طلاقها، هنا يقع السؤال الملح الذي فرض نفسه: ما هذا الذي فعلت وما تلك الأشياء التي كانت بالأمس فرحا وسعادة، فصارت اليوم حزن وشقاء، انشغلت وراء هم إصلاح الاولى، تقويم اعوجاج الاخيرة، فلتعلم بأنعجبك سيزول عندما تدرك بأن كل الأشياء التي أعتبرها غايات كانت وسائل وأدوات، حركتها يد عظيمة من وراء الغيب، فعلت بك ما شاءت، فإذا كان الانسان المحدود القدرات يستعمل جُل الأدوات في الشيء ونقيضه إلا على أضيق نطاق، فكيف لا تتصور أن يسخر الله أدواته وهو من اضحك وابكى، أنزل المطر شرا والغيث رحمة، القادر على أن يبكيك من ذات الباب الذي شرعته ليضحكك، ساق لك جل جلاله الآيات لتعلم الشواهد لتدرك، أراك أنا من قد شقوا اسعدهم سعادة لا حد لها، والعكس بالعكس، تأصيل لكل ما سبق الغوص في قوله تعالى "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" صدق الله العظيم، هو نعم المولى ونعم النصير، فيا رب هب لنا من عفوك ورضاك ما نسعد به وأبعد عنا ما يبكينا فأنت ولينا في هذه الدنيا وفي الآخرة، حاسبنا بلطف عفوك لا بميزان عدلك.

--------------

بشير قطنش



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من أجمل المشاهد بقلم 🖋️ الكاتبة✨✨Lama Jallad

فَصَبرٌ جميل.. بقلم🖋️ الكاتب ✨✨ زكريّا الحمّود

رسالة عاشقه:.. بقلم 🖋️ الشاعر ✨ كمال زهوة