جمال الروح: أنشودة لمن علموا بقيمة الذات".. بقلم 🖋️ كاتب وشاعر & & دكتور مفلح شحادة شحادة
"جمال الروح: أنشودة لمن علموا بقيمة الذات"
في أعماق الفيافي حيث تتعانق السماء مع الأرض، وفي رقصة الأقدار تتشكل ملحمة الروح. هنا، حيث السكون ينطق بلغة القلوب، وتهمس الأرواح بألحان الوجود، يُولد معنى جمال الروح، عنوان لا يُقرأ بالعين بل بنقاء الإحساس.
إنه الألم الذي يشق الصمت، صرخة الوعي حين تلتقي بسراب الوهم. ذلك الوهم الذي رسمناه بأيدينا على جدران قلوبنا، عاكسين فيه آمالنا وحلمنا بالتواصل الروحي الأصيل. لكن أوجاعنا الصامتة تنبثق من إدراكنا المتأخر، كيف أن بعض الأرواح التي انجذبنا إليها ببراءة، لم تكن إلا مرايا محرَّفة للحقائق، أوكارًا للضياع لا تعكس إلا ضباب الفراغ.
لحظة الفراق مع الوهم هي بداية الرحلة نحو الذات، حيث الإدراك الحاد ينبت، ومن القلب تنهض قوة البصيرة. إننا، حين نعيد النظر في تلك المرايا المتصدعة، ندرك أن الحب والحنان اللذين تدفقا منا كان ينبغي أن يُسكبا في ربيع أرواحنا أولًا. فالروح التي تعطي من جوهرها، هي أجدر بالرعاية والعطف على نفسها.
من ذاك الألم، نستلهم الدرس الأبدي: جوهر الروح أغلا ما نملك. هذا النور الداخلي، وهذا السلام الذي ننشده، لا ينبغي أبدًا أن يُهدر في طرقات الخداع والزيف. ليس كل من يمر في حياتنا يستحق أن يكون شريكًا في رحلة الروح، فعُمرُنا الثمين لا يجب أن يتلاشى كغبار في ريح الغدر والأوهام.
ليسادِ كلماتي صدى في قلوبكم، كإنشودة تعيد ترتيب معالم الألم إلى لوحة أمل. في هذا العالم الموجع أحيانًا، دعونا نُعيد صياغة قصص أرواحنا، لتكون المعاني التي نعيش من أجلها أعمق وأكثر إشراقًا. ليكن ذاك الجمال الروحي بمثابة قلعة نفسية محصنة، تعلو ولا تهبط، تزهر ولا تذبل.
في ختام هذا اللحن الساحر من خاطرتي، أدعو كل روح تسعى نحو النور، إلى التأمل في أعماقها، وتبنّي جمالها الذي لا يضاهى، تحتفي به وتحميه كالدرة النفيسة. فقط حين ندرك قدر أنفسنا، ونقدر جمال أرواحنا، نستطيع حينها أن نبني جسورًا إلى الأفق، نحلّق فوق متاهات الأوجاع، ونرسم في سماء الوجود أقواس قزح من الأمل والحب الذي يعانق النجوم.
دكتور مفلح شحادة شحادة كاتب وشاعر المانيا
تعليقات
إرسال تعليق